النماذج التوليدية

النماذج التوليدية Generative Models

مع التطورات المتسارعة للتقنية والذكاء الاصطناعي في الآونة الأخيرة ظهرت الكثير من التطبيقات التي تقوم بتوليد نصوص وصور ومقاطع فيديو بناءً على نص يتم إدخاله من قِبل المستخدم. هذه التطبيقات أحدثت ثورة في مختلف المجالات من رؤية الحاسب ومعالجة اللغات الطبيعية إلى الفن والتصميم. المحرك وراء هذه التطبيقات هو النماذج التوليدية. في هذه المقالة سوف نلقي نظرة على النماذج التوليدية وتطبيقاتها والإمكانيات التي تقدمها.

ما هي النماذج التوليدية؟

النماذج التوليدية هي نوع من نماذج الذكاء الاصطناعي التي تستخدم لإنشاء وتوليد بيانات جديدة تشبه البيانات الأصلية التي تم تدريبها عليها. و تهدف هذه النماذج لاكتشاف الأنماط والهياكل الأساسية للبيانات الأصلية، حتى تكون قادرة على إنشاء بيانات جديدة مشابهة للبيانات الأصلية. [1]

ما هي تطبيقات النماذج التوليدية؟

أصبحت النماذج التوليدية شائعة بشكل متزايد في الآونة الأخيرة لقدرتها على توليد بيانات أكثر واقعية ودقة سواء كانت صور، مقاطع فيديو، نصوص أو غيرها. وأصبحت تستخدم في العديد من التطبيقات مثل تركيب الصور والفيديو، وإنشاء النصوص، وحتى اكتشاف الأدوية. يمكن استخدامها في تركيب الصور والفيديو لإنشاء صور ومقاطع فيديو أكثر تنوعاً وواقعية. والتي يمكن استخدامها في تطبيقات الواقع الافتراضي والألعاب، وكذلك استخدامها في مختلف التصاميم كالتصميم الداخلي وتصميم واجهات المستخدم. يمكن استخدامها أيضاً في إنشاء وتوليد النصوص مثل كتابة رسائل البريد الإلكتروني، وكتابة مقال لمدونة أو منشور لمواقع التواصل الاجتماعي.

في مجال اكتشاف الأدوية يمكن استخدام النماذج التوليدية لتوليد مركبات دوائية جديدة، وخاصة عند ظهور أوبئة جديدة وسريعة الانتشار، مثل COVID-19، حيث تم استخدام النماذج التوليدية لتوليد التصميم الحسابي للجزيئات العلاجية المضادة للفيروس COVID-19 من خلال تدريبها على مجموعة كبيرة من بيانات الأدوية والأجسام المضادة للفيروسات المشابهة. [2]

كيف تعمل النماذج التوليدية؟

هناك مجموعة كبيرة من النماذج التوليدية ولكل منها طريقته الخاصة، لكن بإمكاننا استعراض طريقة عمل أحد هذه النماذج لنأخذ تصور عن الطريقة التي تمكن هذه النماذج من توليد بيانات جديدة أكثر واقعية. 

شبكة  (Generative Adversarial Network (GAN هي شبكة توليدية تتكون من شبكتين عصبيتين: شبكة توليد وشبكة تمييز، كما هو موضح في الرسم بالأسفل.  يتم تدريب شبكة التوليد على إنتاج عينات من البيانات المشابهة للبيانات الأصلية، بينما يتم تدريب شبكة التمييز على التمييز بين البيانات الأصلية والبيانات التي تم إنشاؤها. 

أثناء التدريب ، يتم تدريب شبكات التوليد والتمييز ضد بعضها البعض. تحاول شبكة التوليد إنتاج عينات من البيانات التي يمكن أن تخدع شبكة التمييز للاعتقاد بأنها حقيقية، بينما تحاول شبكة التمييز تحديد العينات الحقيقية والمزيفة بشكل صحيح. 

بمرور الوقت ، تصبح شبكة التوليد أفضل في إنتاج عينات واقعية من البيانات ، بينما تصبح شبكة التمييز أفضل في التمييز بين العينات الحقيقية والمزيفة. في النهاية ، تتعلم شبكة التوليد إنتاج عينات من البيانات التي لا يمكن تمييزها تقريباً عن البيانات الأصلية. [1] 

ما هي تحديات النمذجة التوليدية؟

هناك العديد من التحديات التي تواجه النماذج التوليدية، من أهمها ما يلي:

المتطلبات الحسابية: غالباً ما تحتاج أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدية إلى كمية كبيرة من البيانات والقوة الحسابية، وهذا قد يكون مكلفاً للغاية ويستغرق وقتاً طويلاً.

جودة المخرجات المتولدة: قد لا تكون المخرجات الناتجة عن النماذج التوليدية دقيقة تماماً أو خالية من الأخطاء. وذلك يرجع إلى عدد من الأسباب منها نقص البيانات أو التدريب غير الكافي أوكون النموذج معقد للغاية. [3]

 

ما هي مخاطر النماذج التوليدية؟

كل تقنية هي سلاح ذو حدين، فكما لها العديد من المزايا في المقابل هناك بعض المخاطر المحتملة للنماذج التوليدية: 

تحيز المعلومات: قد تكون المخرجات الناتجة عن النماذج التوليدية متحيزة إلى فئة معينة أو عمر معين أو عرق معين. يحدث التحيز في المعلومات غالباً عندما تكون مجموعة بيانات التدريب محدودة وتفتقر إلى عينات بيانات كافية لتمثيل جميع قيم بيانات الإدخال المحتملة بشكل مناسب.

أمن المعلومات: يمكن استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدية لنشر معلومات كاذبة أو دعائية من خلال إنشاء مقاطع فيديو وصور ونصوص مزيفة، لكنها تبدو أكثر واقعية وإقناعاً.

 

يمكن التغلب على هذه المخاطر أو الحد من تأثيرها من خلال ما يلي:

  • تطوير اللوائح الوطنية والدولية للحد من الاستخدام الخاطئ لهذه التقنية.
  • إنشاء معايير تنظيمية لتطبيق الذكاء الاصطناعي في المنظمات والشركات.
  • جعل الذكاء الاصطناعي جزءاً من ثقافة المنظمة ومناقشاتها، فكلما زاد الوعي بهذه التقنية أصبح بإمكان الأفراد تجنب مخاطرها.
  • تدريب التكنولوجيا بوجهات نظر العلوم الإنسانية.

 

الاتجاهات  والآثار المستقبلية للنماذج التوليدية:

 

تعتبر النماذج التوليدية من أهم التقنيات التي أثرت وستؤثر في مختلف المجالات مثل خدمة العملاء، التسويق والمبيعات، هندسة البرمجيات، والبحث والتطوير وكذلك تحسين تطبيقات الرعاية الصحية وغيرها من المجالات [5]. من المتوقع أن تقود هذه الآثار إلى تحسين الأعمال والتفاعل بين المستخدمين والتقنية وجعل التفاعل مع أنظمة الحاسب أكثر سهولة وانسيابية. فيما يلي بعض الاتجاهات والآثار المستقبلية للنماذج التوليدية:

  1. ستساعد النماذج التوليدية على دفع خلق واجهات اللغة الطبيعية التي تكون أكثر بديهية وسهلة الاستخدام، مما يتيح للمستخدمين التواصل مع أنظمة الحواسيب باستخدام اللغة الطبيعية بدلاً من لغات البرمجة.
  2. تعزيز الإنتاجية وتطوير العديد من المهام اليومية المتكررة: النماذج التوليدية لديها القدرة على أتمتة معظم أنشطة العمل والتي تشغل 60%-70% من وقت الموظف. [5]
  3. تحسين الخدمات الصحية: يمكن للنماذج التوليدية تحسين نتائج المرضى عن طريق استخراج وترميز الوثائق الطبية، وتنظيم المعلومات الطبية ونمط الحياة والوراثة وتحسين مشاركة المرضى من خلال التوصيات الشخصية وتذكير بالأدوية وتتبع الأعراض.
  4. تطوير خطط واستراتيجيات بالاعتماد على البيانات الاصطناعية: يمكن للنماذج التوليدية تحسين القدرة على محاكاة الأحداث، وإنشاء بيانات اصطناعية، وتحديد السيناريوهات الأكثر فعالية. [4]
  5. زيادة العائد الاقتصادي للشركات والمؤسسات والجهات: حسب تقرير صادر من (ماكينزي) من المتوقع أن يضيف الذكاء الاصطناعي التوليدي من 2.6 تريليون إلى 4.4 تريليون دولار إلى الاقتصاد العالمي سنوياً. [5]

 

أصبحت النماذج التوليدية قوة دافعة وراء إنشاء العديد من التطبيقات والابتكارات من إنشاء صور ونصوص واقعية إلى المساعدة في الاختراعات الطبية وتحسين الرعاية الصحية، وكذلك المساهمة الفعالة في خدمة العملاء والتسويق. ومع التقدم السريع لهذه التقنية، لابد من الأخذ بعين الاعتبار تبني الإمكانيات التي توفرها، وتعلم المهارات اللازمة لاستخدامها مع مراعاة الاعتبارات الأخلاقية والاستخدام المسؤول لها.



إن تحقيق التوازن بين الابتكار عالي التقنية والتفكير المتمحور حول الإنسان هو وسيلة مثالية لإنتاج تكنولوجيا مسؤولة وضمان بقاء مستقبل الذكاء الاصطناعي مفعماً بالأمل للجيل القادم.” مايك توماس. [6]

Balancing high-tech innovation with human-centered thinking is an ideal method for producing responsible technology and ensuring the future of AI remains hopeful for the next generation. Mike Thomas [6]



المراجع:

[1]: Deep Generative Models | by Prakash Pandey | Towards Data Science

[2]: Using Generative AI to Accelerate Drug Discovery | IBM Research Blog

[3]: What is Generative Modeling? |Definition from TechTarget

[4]:Generative AI landscape: Potential future trends | TechTarget

[5]: Economic potential of generative AI | McKinsey

[6]: 8 Risks and Dangers of Artificial Intelligence to Know | Built In




كتابة:

نجلاء سعود الصاعدي

مهندس ذكاء اصطناعي